تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ١٩٣٦
و اذكر أيها النّبي للمشركين مرة أخرى يوم يناديهم اللّه بواسطة، لأن اللّه تعالى لا يكلم الكفار كما رجح القرطبي، فيقول : أين الشركاء الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركائي في الألوهية، ليخلّصوكم مما أنتم فيه؟ وقد كرّر اللّه تعالى هذا المعنى إبلاغا وتحذيرا، وتوجيه هذا النداء يقصد به توبيخ الكفار وتقريعهم. وأكّد اللّه ذلك بالإشهاد عليهم، ليعلم أن التقصير منهم، والإشهاد : أن يخرج اللّه من كل أمّة شهودا عليهم : وهم الرّسل الكرام، فكل رسول يشهد على قومه بأعمالهم في الدنيا، ويشهد نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم على الأنبياء جميعا. ويقال للمقصّرين : أحضروا برهانكم على صحة ادّعائكم أن لله شريكا، فلم يتمكنوا ولم يجيبوا، فعلموا أن الحقّ في الألوهية لله وحده، وتاه عنهم وتبدّد كل ما يفترونه ويكذّبونه من نسبة الشريك لله تعالى.
قصة قارون
- ١- فتنة المال وتأثيره على الإنسان
أورد اللّه تعالى تفصيلا واضحا لقصة قارون الذي كان من قوم موسى، فاغتر بماله وثرواته، وزعم أنه أوتي ذلك بذكائه ومهارته، وأنه لا حقّ لأحد له فيه، فجاءه التوجيه الإلهي إلى ضرورة استعمال المال والانتفاع به فيما يحقّق له النفع في الآخرة، وإصلاح شؤون الدنيا، والإحسان في تثميره وتنميته وإنفاقه، وتجنّب كل مهاوي الفساد والإفساد به في الأرض، ولكنه لم يستجب لهذا التوجيه، وبطر في عيشه وتبختر، فحقّ عليه الهلاك والدّمار، قال اللّه تعالى واصفا قصة قارون :