تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ١٩٤٤
«١» [القصص : ٢٨/ ٨٥- ٨٨].
الآية الأولى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ.. نزلت بالجحفة حينما هاجر النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم من مكة إلى المدينة،
أخرج ابن أبي حاتم عن الضّحاك قال : لما خرج النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم من مكة، فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل اللّه : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ.
قال ابن عطية رحمه اللّه في تفسيره : فالآية- على هذا- معلمة بغيب قد ظهر للأمة، ومؤنسة بفتح.
يخبر اللّه تعالى نبيّه ويبشّره بأن الذي أنزل عليك القرآن وأثبته، وألزمك بالعمل به وأدائه للناس، لرادّك إلى بلدك الحبيب : مكة، فاتحا منتصرا، بعد خروجك منها مهاجرا مطاردا، وكان فتح مكة هو الفتح الأعظم الذي حطّمت به الأصنام، وأزيلت به معالم الكفر والوثنية. ووعد اللّه صادق، ومنجز، وقد تحقّق الوعد كما هو معروف في السّيرة النّبوية، في السّنة الثامنة من الهجرة. والمعاد : الموضع الذي يعاد إليه، وقد اشتهر به يوم القيامة، لأنه معاد للكل.
وقوله تعالى : قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى.. آية متاركة للكفار وتوبيخ، فقل أيها النّبي لمن كذّبك من قومك المشركين : اللّه هو العالم البصير بالمهتدي، مني ومنكم، وعالم بمن هو غارق في الضلال، ومطّلع على من جاء بالهدى، وهو الآتي بالقرآن الكريم، وبما يستحقه من الثواب في المعاد، والإعزاز بالإعادة إلى مكة المكرمة.
ثم ذكّر اللّه نبيّه بنعمته العظيمة عليه وهي النّبوة، فلم تكن أيها النّبي تتوقّع إنزال