تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٣٣
دلائل القدرة الإلهية
- ١- الخلق والبعث والعلم الشامل
ناقش القرآن الكريم المشركين في ازدواجية عقيدتهم وفي حقيقة تدينهم، إنهم يقرّون بوجود اللّه تعالى، ويتضرعون إليه وحده وقت الشدة، ثم يعودون إلى كفرهم بعد النجاة، ويلازمون نسبة الشريك إلى الله، علما بأن كل شريك عاجز خاسر، والله تعالى هو القادر القاهر المنجي، الخالق لكل شي ء، والباعث الأموات من القبور، والتام العلم بكل الموجودات، ولا تحصر معلومات اللّه ولا تنفد، ويطلع اللّه يوم القيامة كل إنسان بما قدم وأخر، قال اللّه تعالى مبينا أدلة قدرته الفائقة :
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)
«١» [لقمان :
٣١/ ٢٥- ٢٨].
الدليل الأول على قدرة اللّه تعالى : هو الخلق والإيجاد المبتدأ من غير مثال سبق، وهذا يعترف به المشركون، فلئن سألتهم : من الذي خلق السماوات والأرض؟
لأجابوا بأنه هو اللّه الخالق، فهو في أعماق نفوسهم معترفون بأن اللّه خالق السماوات والأرض، فقل أيها النبي إذن : الحمد لله على اعترافكم، وعلى ظهور الحجة عليكم، ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أنه لا يصح لأحد أن يعبد غير اللّه،

(١) أي لو سألت المشركين.


الصفحة التالية
Icon