تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٣٥
ثم ذكر اللّه تعالى أمر الخلق والبعث : أنه في الجميع وفي شخص واحد بالسواء، فليس خلق جميع الناس وبعثهم يوم القيامة، بالنسبة لقدرة الله، إلا مثل خلق نفس واحدة، الكل هيّن عليه، ولا يحتاج وجود الشي ء وعدمه إلى تكرار الأمر وتوكيده، إن اللّه سميع لأقوال عباده، بصير بأفعالهم، كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة، كذلك قدرته عليهم كقدرته على إيجاد نفس واحدة.
هذه الآية : ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ.. نزلت في أبي بن خلف وأبي بن الأسدين، ومنبّه ونبيه ابني الحجاج بن السبّاق، قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : إن اللّه تعالى قد خلقنا أطوارا، نطفة ثم علقة ثم مضغة، ثم عظاما، ثم تقول : إنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة!! فأنزل اللّه تعالى : ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ.
إن إبداع السماوات والأرض، وإحاطة علم اللّه بجميع الموجودات، والقدرة الشاملة التامة على بعث الناس من قبورهم : هي دلائل على وجود اللّه تعالى ووحدانيته وقدرته الكاملة، ومن آمن بذلك وعرف صواب هذا الإيمان، هنّأ نفسه ومجتمعة بسلامة الإيمان.
دلائل القدرة الإلهية- ٢- تدرج الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر وتسيير السفن
هذه أدلة أخرى على عظمة قدرة اللّه تعالى، وتعدادها لسدّ كل المنافذ أمام الشرك والمشركين، وهي تدرج الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، وسائر الكواكب النيّرات، والتمكين من تسيير السفن في البحار والمحيطات، واللجوء إلى اللّه تعالى