تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٣٨
و العبادة لمسديها، فمن كفر بذلك وجحد به، فكأنه ختر وخان، فهان على الله تعذيبه، واستحق جزاء فعله.
والقصد من الآية : تبيان آية للعقول بأن الأصنام والأوثان لا شركة لها في الكون والنعمة ولا مدخل.
تقوى اللّه وعلم الغيب
إن رأس مال الإنسان المدخر في يوم القيامة : هو تقوى اللّه تعالى والخوف منه، وخشيته، والتقوى : التزام المأمورات، واجتناب المنهيات، فبالتقوى تصلح الدنيا، وينجو صاحبها في الآخرة، ومن اتقى ربه، عظمت نفسه، فلا يخاف أحدا في الوجود، ولا تذل نفسه لمخلوق، بسبب طمع في رزق أو مال أو جاه أو منصب، لأن التقوى تيسر الرزق، وتحيي الفؤاد وتملأ النفس طمأنينة وثقة بالله تعالى. هذا ما ينبغي على العبد، ويترك علم الغيب إلى اللّه تعالى، فإن الغيبيات لا يعلم بها أحد سوى اللّه عز وجل، لا من نبي أو رسول، أو ملك من الملائكة، أو ولي من الأولياء، أو أحد الناس العاديين، وقد أمر اللّه بالتقوى، وأخبر عن الغيبيات المختص بها في الآيات الآتية :
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)
[لقمان : ٣١/ ٣٣- ٣٤].
هذا خطاب إلهي عام لجميع الناس بالأمر بتقوى اللّه عز وجل، وذلك بالقيام