تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٥٥
ولاية النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على جميع المؤمنين
النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قائد الأمة ومنقذها، وأبوته المعنوية ورحمته شاملة لجميع المؤمنين، لا يختص بها أحد، وهذا يستدعي محبة النبي أكثر من محبة الإنسان نفسه، وأن يمتثل أوامره، أحبت نفسه ذلك أم كرهته، والنبي كغيره من الأنبياء أو الرسل السابقين ملزم بتبليغ رسالة ربه على الوجه الأكمل، بمقتضى العهد والميثاق الإلهي عليهم، وذلك لينقسم الناس فريقين : فريق الصادقين المصدقين برسالات الأنبياء، وفريق المكذبين الجاحدين الذين يتنكرون لدعوات الأنبياء، ويثيب اللّه أهل الصدق والإيمان، ويعاقب أهل الكفر والضلال. قال اللّه تعالى مبينا هذه الأحكام العامة :
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦ الى ٨]
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦) وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨)
[الأحزاب : ٣٣/ ٦- ٨].
النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم أرأف الناس بجماعة المؤمنين وأحرصهم على مصالحهم وإنقاذهم، فهو يدعوهم إلى النجاة، وهم يتجهون إلى الهلاك.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أخرجه البخاري وابن جرير وغيرهما عن أبي هريرة رضي اللّه عنه حين نزلت هذه الآية : النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ :«من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي، أنا وليه، اقرؤوا إن شئتم : النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ».
وقد أزال اللّه تعالى بهذه الآية أحكاما كانت في صدر الإسلام، منها أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان لا يصلي على ميت عليه دين، فذكر اللّه تعالى أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وأزواج (زوجات) النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بمثابة الأمهات في الحرمة والاحترام والتعظيم


الصفحة التالية
Icon