تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٧٦
وسبب نزول هذه الآية : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي ما
أخرجه عبد بن حميد عن مجاهد قال : لما نزلت آية : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب : ٣٣/ ٥٦] قال أبو بكر رضي اللّه عنه : يا رسول الله، ما أنزل اللّه تعالى عليك خيرا إلا أشركنا فيه، فنزلت :
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ.
ومن بشائر رحمة اللّه بعباده استقبالهم بالتحية والسلام، فتحيتهم من اللّه تعالى بواسطة ملائكته يوم لقائه في الآخرة : هو السلام، وأعد اللّه تعالى لهم ثوابا حسنا، وهو الجنة وما فيها من ألوان النعيم والمناظر الحسنة، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال اللّه تعالى في آية أخرى : سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس : ٣٦/ ٥٨]. وقال سبحانه : وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد : ١٣/ ٢٣- ٢٤].
وظائف النبي صلّى اللّه عليه وسلم
إن عب ء تبليغ الوحي الإلهي، والقيام بموجب الرسالة ليس بالأمر الهين، فهو بالإضافة إلى اقترانه بظروف عسيرة صعبة، ومقاومة شديدة من القوم، يتطلب إحساسا متقدا من الرسول، وشعورا كبيرا بالمسؤولية، خشية التقصير في تكليف الله إياه، واطمئنانه إلى تنفيذ مراد الله، ويمكن حصر خصائص أو وظائف النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم بسبع، تشمل جميع أوجه الوحي الإلهي، وهذا ما أوضحته الآيات الكريمة الآتية :
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩)