تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٧٨
المؤمنين : هنيئا لك يا رسول الله، قد علمنا بما يفعل بك، فما ذا يفعل بنا؟ فأنزل الله : لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ الآية [الفتح : ٤٨/ ٥]،
و أنزل في سورة الأحزاب :
وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً.
والمهمة السابعة : لا تطع أيها النّبي الكافرين بنبوتك، ولا المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، واترك إيذاءهم وعقابهم، أي اصفح عن زللهم ولا تؤذهم، وفوّض أمرك إلى اللّه تعالى في كل ما تعمل وتذر، وثق به، فإن فيه كفاية لهم، والله هو حافظك وراعيك، وكفى بالله كافيا عبده، وذلك حق مطلق : أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ [الزّمر : ٣٩/ ٣٦].
ثم عاد البيان القرآني لتفصيل حكم عدة ومتعة المرأة غير المدخول بها، بعد بيان عدة زينب المدخول بها، في حال طلاقها، فيا أيها المصدّقون بالله ورسوله، إذا تزوجتم النساء المؤمنات، ثم طلقتموهن قبل الدخول (أو البناء) بهن، فليس لكم عليهن عدة تستوفون عددها، ولكن قدّموا لهنّ بعد الطلاق تطييبا لخاطرهن متعة :
و هي كسوة كاملة تليق بكم وبهن بحسب الزمان والمكان، وطلقوهن طلاقا لا ضرر فيه، بل إنه متّصف بجمال التسريح : وهو ألا يطالبها بما آتاها، ويحسن عشرتها، ويكلمها بكلام طيب دون أذى. فقوله : تَعْتَدُّونَها من العدّ. وتخصيص المؤمنات بالذّكر : إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ إرشاد إلى الحرص على الزواج بالمؤمنات، فإنهن أشدّ تحصينا للدين.
وهذه الآية خصّصت آيتين : إحداهما : وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة : ٢/ ٢٢٨] فخصصت هذه الآية من لم يدخل بها، وكذلك خصّصت من ذوات الثلاثة الأشهر : المرأة اليائس من الحيض، والصغيرة التي لم تحض قبل الدخول في آية : وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ.. [الطّلاق : ٦٥/ ٤] فهاتان قبل الدخول لا عدة عليهما.