تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٩٥
الشكر والحمد المطلق التام لله مالك السماوات والأرض وما فيهما، والمتصرف بشؤونهما، له الحمد في الآخرة كالدنيا، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة بنعمه الكثيرة، وهو الحكيم في أقواله وأفعاله، وشرعه وقدره، يدبّر شؤون خلقه أحكم تدبير، وهو خبير ببواطن الأمور وظواهرها.
والألف واللام في كلمة الْحَمْدُ لاستغراق الجنس، أي الحمد بأنواعه المختلفة هو لله تعالى من جميع جهات الفكر.
والصفات التي تستوجب المحامد هي في الآية : ملكه جميع ما في السماوات وما في الأرض، وعلمه المحيط بكل شي ء، وخبرته وحكمته بالأشياء، لخلقه إياها، ورحمته بأنواع خلقه، وغفرانه لأهل الإيمان.
ولله أيضا كل الحمد في الآخرة، فاللام والألف للجنس أيضا، وهو خبر يفيد أن لله وحده الحمد في الآخرة، لإنعامه وأفضاله ورحمته، وظهور قدرته، وغير ذلك من صفاته.
والله يعلم كل ما يدخل في الأرض، كالغيث والكنوز والدفائن والأموات، ويعلم ما يخرج من الأرض، كالحيوان والنبات والماء والمعادن. ويعلم ما ينزل من السماء كالملائكة والكتب والأرزاق، والأمطار، والصواعق، وما يعرج فيها كالملائكة أيضا، وأعمال العباد والغازات والأدخنة ووسائل النقل الجوي، والطيور، والله هو الرحيم بعباده، فلا يعاجل عصيانهم بالعقوبة، الغفور لذنوب التائبين إليه، المتوكلين عليه.
ولكن أنكر الكفار قيام القيامة، فقالوا استعجالا منهم واستهزاء بالوعيد : لن تقوم الساعة، ولا حساب، ولا حشر، ولا جنة، ولا نار، فرد الله : قل أيها النبي


الصفحة التالية
Icon