تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١١٩
لله تعالى جميع أنواع المحامد والشكر الخالص على نعمه، فكلمة الْحَمْدُ الألف واللام لاستغراق الجنس على أتم عموم، والشكر بعض أنواع الحمد، فيشمله، وحمده تعالى لأنه سبحانه مبتدئ خلق السماوات والأرض، مما يدل على وجوده، وتمام قدرته، واتصافه بالكمال وحده، فهو إذن قادر على إعادة الخلق أحياء مرة أخرى.
واللّه تعالى جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه لتبليغ رسالاته وغير ذلك، فقد جعلهم رسلا بالوحي ونحوه من الأوامر، ومنهم جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل، ومنهم الملائكة المتعاقبون المتناوبون لتنفيذ أوامر الله، ومنهم المسدّدون لحكام العدل وغيرهم، وقد خلقهم اللّه ذوي أجنحة متعددة، بعضهم له جناحان، وبعضهم له ثلاثة، وبعضهم له أربعة، وبعضهم له أكثر من ذلك وهم شذوذ، ينزلون بها من السماء إلى الأرض، ويعرجون بها من الأرض إلى السماء. فقوله تعالى :
مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ألفاظ معدولة من اثنين وثلاثة وأربعة، فهي ممنوعة من الصرف للعدل والتعريف.
وليس هذا بمستغرب أو ببدع في قدرة اللّه تعالى، فإنه يزيد في خلقه ما يشاء، من أجنحة وغيرها، كملاحة العين، وجمال الأنف، وحلاوة الفم، وحسن الصوت، إن اللّه تام القدرة في خلق الزيادة المادية الحسية والمعنوية، فلا يعجز عن شي ء.
وبالإضافة إلى تمام القدرة الإلهية، فإنه سبحانه نافذ الإرادة والمشيئة والأمر، فما يعطي اللّه تعالى من خير أو نعمة حسية كرزق، ومطر، وصحة، أو معنوية، كأمن وعلم، ونبوة وحكمة، فلا مانع له، وما يمنع من ذلك، فلا يقدر أحد أن يرسله من بعد إمساكه من الله، بيده الخير كله، واللّه هو القوي الغالب القاهر، الحكيم في قوله وفعله وتدبيره، يضع كل شي ء في موضعه المناسب له. فقوله : مِنْ رَحْمَةٍ عام