تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٤٤
«١» [يس : ٣٦/ ١- ١٢].
يس : إما اسم من أسماء محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، لقوله تعالى : إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ أو إنها حروف مقطعة للتنبيه على أهمية السورة وتحدي العرب بالقرآن بأن يأتوا بمثله، مع أنه متكوّن من الحروف الأبجدية أو الهجائية التي تتركب منها لغتهم. أقسم الله تعالى بالقرآن المحكم بنظمه ومعناه، ذي الحكمة البالغة، بأنك يا محمد لرسول من عند الله، على طريق قويم، ومنهج سليم. وهذا القرآن تنزيل من عند الله ذي العزة والقوة، الرحيم بعباده المؤمنين، ولقد أرسلناك أيها الرسول لتنذر قومك العرب الذين لم يأتهم رسول منذر من قبلك، ولم يأت آباءهم الأقربين من ينذرهم ويعرّفهم شرائع الله تعالى، فهم غافلون عن معرفة الحق والشرع.
نزلت هذه الآية فيما
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ في السجدة، فيجهر بالقراءة حتى يتأذى به ناس من قريش، حتى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا بهم عمي لا يبصرون، فجاءوا إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد، فدعا حتى ذهب ذلك عنهم، فنزلت يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إلى قوله : أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلم يؤمن من ذلك النفر أحد.
لقد وجب العذاب على أكثر أهل مكة حين نزول هذه الآيات، وهو ما دوّن في شأنهم في اللوح المحفوظ، أنهم لا يؤمنون بالقرآن والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم الذين علم الله

(١) أي في اللوح المحفوظ.


الصفحة التالية
Icon