تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٥٢
العكس، ولا أن يسبق الليل النهار، ولكل منهما مدار يدور في فلكه، ويَسْبَحُونَ معناه : يجرون ويعومون.
وعلامة ودليل لهم على قدرة الله ورحمته : تسخير البحار لسير السفن المشحونة بالركاب والبضائع، وحمل ذرياتهم في الأصح : حمل ذريات جنسهم أو نوعهم، لتوفير القوت والمعاش. وخلق الله للناس مثل تلك السفن سفنا برية وهي الإبل ونحوها، التي يركبون عليها ويحملون أمتعتهم على ظهورها. والأظهر أنه تعالى يخلق لهم مثل الفلك الموجود في زمانهم- زمان بني آدم إلى يوم القيامة. وإن يشأ الله يغرق في الماء الناس الراكبين والسفن الموجودة، أي السفن وحمولاتهم، فلا يجدون مغيثا يغيثهم أو ينجيهم من الغرق، ولا هم ينقذون مما أصابهم، لكن برحمة من الله نسيّركم أيها الناس في البر والبحر، ونحفظكم من الغرق، وتمتيعا من الله لكم في الدنيا إلى وقت محدود عند الله تعالى، وهو الموت.
أحوال الكفار
في التقوى والإنفاق والإيمان بالبعث
للناس مواقف نابعة من الأهواء والشهوات حول تقوى الله، وآياته، والإنفاق في وجوه الخير، والإيمان بالبعث، فهم لا يخشون الله لانعدام الإيمان الصحيح به، ويعرضون عن آيات الله تهكما واستهزاء ومكابرة، ولا ينفقون من رزق الله شيئا في سبيل الله ودفع حاجة المحتاجين، وينكرون إمكان البعث، لأنهم جماعة ماديون لا يدركون آفاق المستقبل، ويستبعدون إمكان إعادة الأجساد التي صارت رميمة كالتراب إلى الحياة مرة أخرى، ولكنهم سيجدون كل ذلك حتما ويوقفون للحساب والجزاء القائم على الحق والعدل. وهذا ما أخبر به القرآن الكريم في الآيات الآتية :