تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٨٢
و صرت صادقا مصدّقا بمجرد العزم، وإن لم تذبح. ثم عدّد اللّه تعالى نعما خمسا على إبراهيم وهي :
١- الإحسان إليه : والمعنى : مثلما جازينا إبراهيم بالعفو عن الذبح، نجزي كل محسن على طاعته، وتفريج كربته ومحنته، وإن هذه المحنة أو الاختبار بالشدة لهو الاختبار الصعب الواضح الذي لا يوجد أصعب منه، حيث اختبر اللّه إبراهيم في مدى طاعته بذبح ولده، فصبر محتسبا الأجر عند ربه.
٢- وافتداء الذبح، فلقد جعلنا لإبراهيم فداء ولده بتقديم كبش عظيم الجثة سمين.
والذّبح : اسم لما يذبح، وهو الكبش، ووصفه بالعظم لأنه متقبّل يقينا. ويرى أهل السنة : أن هذه القصة نسخ فيها العزم على الفعل. والمعتزلة تقول : إنه لا يصح نسخ إلا بعد وقوع الفعل، وهو مجرد إمرار الشفرة على العنق فقط، وهو ما رآه إبراهيم في منامه، فظن أنه ذبح مجهز، منفّذ لذلك، فلما وقع الذي رآه، وقع النسخ.
٣- الثناء الحسن عليه : وأبقينا لإبراهيم في الأمم المتلاحقة ثناء حسنا، وذكرا جميلا، فأحبه أتباع الملل كلها، من اليهود والنصارى والمسلمين، وأهل الشرك قاطبة، كما جاء في آية أخرى : وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) [الشعراء : ٢٦/ ٨٤- ٨٥]. ومثل هذا الجزاء نجزي جميع المحسنين بالفرج بعد الشدة.
٤- البشارة بإسحاق : ووهبنا لإبراهيم ولدا آخر بعد إسماعيل هو إسحاق، وجعلناه نبيا صالحا من زمرة الصالحين. والبشارة بولادة إسحاق بعد قصة الذّبح دليل على أن إسماعيل هو الذبيح. وكان الذّبح بمنى.
٥- مباركة إبراهيم وإسحاق : وجعلنا البركة والنعمة الدنيوية والأخروية في إبراهيم وإسحاق، ومنها كثرة الولد والذرية، وجعل أكثر الأنبياء من نسلهما ونسل