تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٨٤
[الصافات : ٣٧/ ١١٤- ١٣٢].
تالله لقد أنعمنا على موسى وهارون بالنبوة وغيرها من العطاءات والمنافع التي تؤدي إلى رفع مكانتهما في الدنيا والآخرة. ونجيناهما وقومهما الإسرائيليين من الكرب العظيم، أي الاستعباد الفرعوني ومحاولة قتلهم ومتابعتهم، وإنجائهم من الغرق في البحر. ونصرناهم، أي موسى وهارون وقومهما على أعدائهم، فكانوا هم المتغلبين أصحاب السيادة والسلطة. وأنعمنا على موسى وهارون بالتوراة الكتاب المنظّم لشؤون الدنيا والآخرة. وأرشدناهما إلى الطريق المستقيم : وهو طريق الشرع والنبوة المؤدي إلى اللّه تعالى.
وأبقينا لهما من بعدهما ثناء حسنا جميلا باقيا آخر الدهر. وهذا هو ما تركه الله عليهما في الآخرين، حيث فسره بقوله تعالى : سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) والمراد به الثناء الحسن في الأمم الباقية المتأخرة. ومثل هذا الجزاء على الإخلاص والطاعة من النبيين الرسولين موسى وهارون نجزي بالخلاص من الشدائد والمحن كل من أحسن عمله، فأطاع اللّه وانقاد له، لأنهما من فئة عباد اللّه المؤمنين المصدقين تصديقا صحيحا كاملا.
وإن إلياس بن ياسين الذي هو نبي من أنبياء اللّه تعالى، والذي ينتهي نسبه إلى أخي موسى عليهما السّلام، بعثه اللّه في بني إسرائيل بعد حزقيل عليه السّلام، وكان قومه الإسرائيليون قد عبدوا صنما، يقال له (بعل) فدعاهم إلى توحيد اللّه تعالى، ونهاهم عن عبادة ما سواه. ومضمون قصته : اذكر أيها الرسول محمد حين قال إلياس لقومه : أَلا تَتَّقُونَ. أي هلّا تخافون اللّه تعالى في عبادتكم غيره، وتتركون ما نهاكم عنه من الشرك والعصيان!