تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٩٢
[الصافات : ٣٧/ ١٧١- ١٨٢].
آنس اللّه تعالى نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأولياءه بأن القضاء قد سبق، وأن الوعد بالنصر والظفر لرسل اللّه الكرام على من جحد برسالتهم قد فرغ منه، سواء في الدنيا أو في الآخرة، ففي الدنيا تكون الغلبة والقهر للرسل العباد : بأسر أعدائهم وتقتيلهم وتشريدهم، أو بإجلائهم، أو بتغلب الحجة والبرهان عليهم ونحو ذلك.
وفي الآخرة بالظفر بالجنة والنجاة من النار. وهذا الحكم مقرّر في الغالب، وإن كان النادر هو العكس. وجند الله : حزبه والمجاهدون في سبيله لإعلاء كلمة الله، وهم الرسل وأتباعهم. والنصر مشروط بنصرة دين اللّه وشرعه، واتباع أوامره، واجتناب نواهيه، والعمل بالقرآن والسنة النبوية، لقول اللّه تعالى : كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم : ٣٠/ ٤٧].
وسبق الكلمة : هو في الأزل بأن رسل اللّه إلى أرضه وجنود اللّه هم المنصورون على من ناوأهم، المظفّرون بإرادتهم، المستوجبون الفلاح في الدارين.
فأعرض عنهم أيها النبي، واصبر على أذاهم لك، إلى مدة معلومة عند اللّه تعالى، فإنا سنجعل لك النصر في النهاية. وهذا وعد للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وأمر له بموادعة أو مهادنة المشركين إلى أمد معلوم. والحين أو الأمد : إما يوم بدر، ورجحه الطبري، أو موتهم، أو يوم القيامة.
ووعد آخر للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ووعيد لهم، مفاده : أمهل هؤلاء المشركين، وانظر ماذا يحل بهم من العذاب بمخالفتك وتكذيبك، كالأسر والقتل. وسوف يبصرون كل ما وعدتهم به من العقاب ويرون عقبى طريقتهم، وما وعدناك به من النصر وانتشار الإسلام، وكرّر اللّه تعالى هذا للتأكيد.