تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٢٢
ثلاثة أحياء : عامر وكنانة وبني سلمة، كانوا يعبدون الأوثان، ويقولون : الملائكة بناته، فقالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى.
ثم أخبر اللّه تعالى بما معناه : إن اللّه لا يهدي الكاذب الكفّار في حال كذبه وكفره، وعناده وإعراضه ومبالغته في الكفر والجحود، ولا يوفقه للاهتداء إلى الحق، فهو كاذب مفتر على الله، في زعمه أن لله ولدا، وأن تلك المعبودات الباطلة تشفع لعابديها، وتقربهم إلى اللّه تعالى.
ثم رد اللّه تعالى على زعم المشركين اتخاذ ولد لله، بقوله فيما معناه : لو شاء الله اتخاذ ولد، وهو لا يحتاج لذلك، لاختار من جملة خلقه موجوداته ومحدثاته ما يشاء أن يختاره، ولكان الأمر على خلاف ما يزعمون، فيختار أكمل الأولاد وهم الأبناء، لا البنات كما زعموا، والواقع أنه لا موجود سوى الله، ولا أحد غير الله إلا وهو مخلوق لله، ولا يصح أن يكون المخلوق ولدا للخالق. وقوله : مِمَّا يَخْلُقُ أي من موجوداته ومحدثاته.
ثم نزّه اللّه تعالى نفسه تنزيها مطلقا عن جميع الشركاء، فأخبر بقوله : تنزه الله وتقدس عن أن يكون له ولد، فإنه الإله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي يفتقر إليه كل شي ء، والذي قهر الأشياء والمخلوقات كلها، فدانت لعظمته، وخضعت لسلطانه وهيبته.
عظمة القدرة الإلهية
في مناسبات مختلفة، يورد اللّه تعالى البراهين والأدلة الحسية القطعية على وحدانيته، وقدرته، واستغنائه عن مخلوقاته، ليقتنع اللادينيون من الملاحدة والمشركين بأن اللّه تعالى هو وحده الإله الحق، وأنه القادر على كل شي ء، وأنه


الصفحة التالية
Icon