تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٣٠
لله وتوحيده : أن أتعرض لعذاب شديد الأهوال في يوم القيامة. وأمرني ربي أن أعبده وحده لا شريك له، وأن يكون تعبّدي خالصا لله غير مشوب بشرك ولا رياء ولا غيرهما.
ثم قال لهم على سبيل التهديد والوعيد : اعبدوا ما أردتم عبادته من غير الله، من الأوثان والأصنام، فسوف تجازون بعملكم.
ثم قل لهم أيها الرسول : إنما أهل الخسارة التامة : هم الذين خسروا أنفسهم بالضلالة والشرك والمعاصي، وخسروا أتباعهم من الأهل حيث أوقعوهم في الضلال، وعرّضوهم للعذاب الدائم يوم القيامة، وذلك هو الخسران الواضح، ولا خسران أعظم منه.
ونوع الخسران : أن لهم طبقات متراكمة من النار الملتهبة، من فوقهم ومن تحتهم، ومن كل جانب، ذلك العذاب الشديد الذي يخبر به اللّه خبرا كائنا لا محالة، ليرهب به عباده، فيا عبادي خافوا بأسي وعذابي واتقوا غضبي. ووعد المؤمنين : هو أن الذين تجنبوا عبادة الأوثان والشيطان وكل ما عبد من دون، ورجعوا إلى الله، لهم البشارة بالثواب الجزيل : وهو الجنة، فبشر أيها الرسول بالجنة عبادي المؤمنين الذين يستمعون القول الحق من كتاب الله، وسنة رسوله، فيفهمونه، فيتبعون أحسن ما يؤمرون به، ويعملون بما فيه. أولئك المتصفون بهذه الصفة هم الموفقون للصواب في الدنيا والآخرة، وهم ذوو العقول الصحيحة والآراء السديدة.
وآية فَبَشِّرْ عِبادِ نزلت في رجل من الأنصار أعتق سبعة مماليك، ليعتق نفسه من أبواب النار السبعة، وآية : وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ نزلت في ثلاثة نفر موحدين اللّه في الجاهلية، وهم زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي.
ثم واسى اللّه رسوله على إعراضهم عن دعوته بما معناه : إنك لا تقدر على هداية