تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٣٤
لشي ء من المخاوف والمكروهات؟ وحين يقال للكافرين : ذوقوا جزاء ظلمكم وكسبكم من المعاصي في الدنيا. لقد كذب بعض الأقوام السابقين لقومك رسلهم، فأتاهم العذاب من جهة لا يترقبون إتيان العذاب منها، فأذاقهم اللّه الذل والهوان في الدنيا بما أنزل من العذاب والنكال، كالخسف والمسخ والقتل، والأسر، ولعذاب الآخرة أشد وأعظم مما أصابهم في الدنيا.
ضرب الأمثال في القرآن
من حكمة اللّه تعالى ورحمته وفضله : إيراد الأمثال والأشباه الحسية لتوضيح المجملات، وتقريب البعيد، وإقناع الناس، تخويفا وتحذيرا، وهذه إحدى خواص القرآن الكريم، ومن خواصه أيضا أنه قرآن متلو إلى يوم القيامة، وأنه عربي اللسان، وغير ذي عوج، أي إنه بري ء وبعيد عن التناقض والتعارض. وفيه مثل عجيب للمؤمن الموحد، والمشرك، في أهم الأمور وأعظمها خطرا : وهو التوحيد، يدل على فساد مذهب المشركين، وبعدهم عن المنطق، فهم إن كانوا يرفضون الشركة في عبد مملوك لهم، فكيف يجعلون لله الشريك؟! قال اللّه تعالى موضحا هذه الخواص :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٢٧ الى ٣١]
وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)
«١» «٢» [الزمر : ٣٩/ ٢٧- ٣١].
ضرب اللّه الأمثال المجملة للناس في القرآن الكريم، والمراد بضرب المثل : تطبيق

(١) أي متنازعون مختلفون لسوء طباعهم وأخلاقهم.
(٢) أي سالما خالصا.


الصفحة التالية
Icon