تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٣٧
جهنم، ويقابل ذلك وعد الصادقين المصدقين بالله ورسوله بمنحهم عند ربهم كل ما يشاءون من الجنة والنعيم والرضوان، وإثابتهم أفضل الثواب، ليقترن الوعد بالوعيد، وتظهر التفرقة بين الحالين، قال اللّه تعالى مبينا هذا التفاوت :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٢ الى ٣٧]
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦)
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧)
«١» «٢» [الزمر : ٣٩/ ٣٢- ٣٧].
من أقبح خصال المشركين : أنهم يكذبون اللّه ورسوله، فلا أحد أظلم ممن كذب على الله، فزعم أن له ولدا أو شريكا، أو صاحبة، وحرّم وحلل من غير أمر الله، وكذّب بما جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من دعوة الناس إلى التوحيد، والأمر بإقامة فرائض الشرع، والنهي عن المحرّمات، والإخبار بالبعث والنشور والحساب والجزاء.
وهؤلاء في الواقع يستحقون أشد العذاب، أليس في نار جهنم الواسعة مقام ومستقر لهؤلاء الكافرين؟! وفيه دلالة على علة كذبهم وتكذيبهم، وهو الكفر.
وفي مقابل هذا الوعيد : يأتي الوعد للمؤمنين، فالذي جاء بالصدق والقول الحق : وهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والذين صدقوا به، وآمنوا بأنه رسول من عند الله، وهم أتباعه المؤمنون، أولئك لا غيرهم هم الذين اتقوا اللّه وخافوه، وتجنبوا الشرك وعبادة الأوثان.
(٢) أي يكفيه وعيد المشركين.