تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٤٠
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠)
«١» [الزمر : ٣٩/ ٣٨- ٤٠].
هذا ابتداء احتجاج على المشركين بحجة حاسمة، مفادها أن القرآن الكريم انتزع منهم الإقرار بالخالق المخترع الموجد : وهو اللّه عز وجل، وحينئذ لم يبق لهم في الأصنام غرض إلا أن يقولوا : إنها تضر وتنفع.
فقيل لهم : إذا أراد اللّه أمرا، هل للأصنام قدرة على نقضه؟
و الجواب واضح : وهو أنه لا قدرة للأصنام على شي ء من ذلك.
وتقرير الأمرين أو الأصلين يتبين في معنى هذه الآيات.
لئن سألت أيها النبي أو أي إنسان المشركين عن خالق السماوات والأرض، لأقروا على الفور وبصراحة : بأنه هو اللّه الخالق، مع أنهم يعبدون الأصنام.
فإذا أقررتم بأن اللّه تعالى خلق الأشياء كلها، فأخبروني عن هذه الآلهة المزعومة :
إن أراد اللّه بأحد شيئا من الضّر، أي الشدة والبلاء، هل تستطيع هذه الأصنام أن تمنع ما أراده اللّه من شدة، وإن أراد اللّه بأحد منحه شيئا من الخير والنعمة والفضل والإحسان، هل تقدر هذه الأصنام حجب رحمة اللّه عنه؟ وإذا كانت لا تمنع شرا، ولا تجلب نفعا، فكيف تجوز عبادتها وتعظيمها؟! ثم أمر اللّه تعالى نبيه أن يصدع بالاتكال على اللّه تعالى، وأنه حسبه وكافيه من كل