تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٤٢
الإلهية : إنزال القرآن الكريم على النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وبيان علو مكانته واصطفاء ربه عز وجل له، ثم الاعلام بقدرة اللّه على قبض الأرواح بانتهاء آجالها، وملكه الشفاعة التي لا تتم إلا بأمره وإذنه. وهناك مظاهر ثلاثة متممة أخرى، وهي كون اللّه مبدع السماوات والأرض، واتصافه بعلم الغيب والشهادة، علم الآخرة والدنيا المشاهدة، وإظهار أنواع من العقاب غير معروفة ولا محسوبة، وبيان آثار السيئات والمعاصي التي يرتكبها الناس، قال اللّه تعالى مبينا ذلك :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٤١ الى ٤٨]
إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)
قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨)
[الزمر : ٣٩/ ٤١- ٤٨].
المعنى : يقرر اللّه تعالى أنه أنزل القرآن الكريم بالحق، أي متضمنا الحق في أخباره وأحكامه، أو أنزله بالواجب من إنزاله وبالاستحقاق لذلك، لما فيه من مصلحة العالم وهداية الناس. وهذا بيان لإقامة الحجة على العباد، ولم يبق إلا اختيارهم وإقدامهم على الأخذ به، فمن عرف الحق وسلك طريقه واتبعه، فاهتداؤه ومعرفته