تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٥٢
قومك وأمثالهم : كيف تأمروني أيها الجهال بعبادة غير اللّه تعالى؟ بعد قيام الأدلة القطعية على تفرده بالألوهية، فهو خالق الأشياء ومدبرها ورازق الأحياء، فلا تصلح العبادة إلا له تعالى.
وسبب نزول هذه الآية : هو كما
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : أن المشركين من جهلهم، دعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبادة آلهتهم، وأن يعبدوا معه إلهه، فنزلت هذه الآية : قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤).
ثم قرّر اللّه تعالى مبدأ إعلان الوحدانية الدائم في قوله : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ.. أي إن أمر المشركين المساومين عجيب، فلقد أوحي إلى النبي محمد وإلى كل نبي عليهم الصلاة والسّلام : لئن أشركت مع اللّه إلها آخر، ليبطلنّ عملك، ولتكونن من الذين خسروا أنفسهم، وأضاعوا دنياهم وأخراهم. وهذا دليل على أن الشرك يحبط الأعمال، ويضيعها هباء منثورا، ولو كانت خيرا.
ثم أكد اللّه تعالى مقتضى الوحدانية بأمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وأن يكون من الشاكرين نعم اللّه بالهداية والرسالة النبوية.
أما المشركون : فلم يقدروا اللّه حق قدره، أي لم يعظموه حق تعظيمه، حين عبدوا معه إلها آخر، فإن الأرض كلها تحت سلطان اللّه وتصرفه وملكه والسماوات خاضعة لقدرته وسلطانه ومشيئته، تنزه اللّه عما يشركون به من الشركاء. والمراد باليمين والقبضة في الآيات : أنها عبارة عن القدرة والقوة.
وسبب نزول هذه الآية كما
روى الطبري : هو الرد على رهط من اليهود حين أتوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا : يا محمد، هذا اللّه خلق الخلق، فمن خلقه؟ فغضب النبي، ثم جاءه الجواب عما سألوا عنه بنزول سورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) فلما تلاها عليهم النبي قالوا : صف لنا ربك، كيف خلقه، وكيف عضده، وكيف