تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٦٦
«١» [غافر : ٤٠/ ١٨- ٢٢].
المعنى : خوّف أيها الرسول أهل الكفر من يوم القيامة، ليؤمنوا ويتركوا الشرك والضلال، حيث تكون القلوب في ذلك اليوم كأنها زائلة عن مواضعها من الخوف، وترتفع حتى تصير إلى الحلوق، ويكون أصحابها ممتلئين كربا وغما شديدا، ولا يكون للظالمين الكافرين قريب ينفعهم، ولا شفيع يشفع لهم، أو تقبل شفاعته بهم.
وقوله تعالى : إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ معناه عند الحناجر، قد صعدت من شدة الهول والجزع.
وهذا يصور حال الرعب والخوف أو الذعر الذي يكون عليه الكفار يوم القيامة، واللّه تعالى يعلم النظرة الخائنة، التي ينظرها الإنسان إلى ما حرّم اللّه عليه، أي يعلم الاختلاسة التي تختلس النظر إلى المحرّم وتسارقه، ويعلم اللّه أيضا كل ما تسرّه الضمائر من أمور خيّرة أو شريرة، . وما تخفيه الصدور من الرغبات والنوايا والخواطر.
والنظرة الخائنة : هي النظرة الثانية، وما تخفي الصدور : أي عند النظرة الأولى التي لا يمكن للمرء دفعها. وقوله تعالى : يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ متصل بقوله : سَرِيعُ الْحِسابِ لأن سرعة حسابه تعالى للخلق، إنما هي بعلمه الذي لا يحتاج معه إلى رؤية وفكرة، ولا لشي ء مما يحتاجه الحاسبون. واللّه يحكم بالحكم العادل، ويجازي كل

(١) أي حافظ يدفع عنهم السوء أو العذاب.


الصفحة التالية
Icon