تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٧٠
و استعاذة موسى من فرعون الذي جمع بين الاستكبار وبين التكذيب بيوم الآخرة والجزاء والحساب، بسبب الجرأة على اللّه تعالى وعلى عباده. وقول موسى : إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ لحث قومه على مشاركته في الاستعاذة بالله من شر فرعون وملئه.
قد ثبت أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا خاف قوما قال :«اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، وندرأ بك في نحورهم».
إن هذه المواجهة الكلامية الساخنة غير متكافئة في عرف الناس، فإن فرعون الملك الحاكم الجبار يعتمد على قوى كثيرة، وجند مدججين بالسلاح، وأما موسى بمفرده أو مع أخيه هارون لا يملكان مثل تلك القوى الظاهرة المادية، ويحكم الناس عادة على الضعيف بالهزيمة، ويغيب عنهم أن الضعيف يتقوى بقوة اللّه تعالى، فيتغلب على جميع القوى بتأييد اللّه تعالى.
دفاع مؤمن آل فرعون عن موسى عليه السّلام
لقد طاش عقل فرعون وصوابه أمام معجزات موسى عليه السّلام، فلجأ إلى التهديد بقتل موسى عليه السّلام، وزاد من ارتباكه واضطرابه مقالة رجل مؤمن من قومه وما صدع به، فدافع عن موسى بأوجه ثلاثة :
الأول- استنكار قتل موسى المؤمن بربه.
الثاني- تحذير القوم بأس اللّه في الدنيا والآخرة بتكذيب الرسل.
الثالث- تذكيرهم بما فعل آباؤهم الأولون مع يوسف عليه السّلام، من تكذيب رسالته ورسالة من جاء بعده.