تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٨٣
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٦٦ الى ٦٨]
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨)
«١» [غافر : ٤٠/ ٦٦- ٦٨].
جاءت هذه الآيات الشريفة بعد بيان صفات اللّه تعالى، بأنه الحي القيوم، وذلك يقتضي فساد حال الأصنام، وأنها موات جماد هامدة، ليس فيها شي ء من صفات اللّه تعالى، التي منها صدور الأمر من لدنه، وإيجاد الأشياء، وتدبير الأمر كله، وعلمه بالكل، مما يدل دلالة قاطعة على أنه حي لا إله إلا هو.
أمر اللّه تعالى نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد هذا : أن يصدع بأنه نهي عن عبادة الأصنام التي عبدها الكفار من دون اللّه سبحانه وتعالى، وأمر بعدها بالإسلام الذي هو الإيمان والأعمال.
قل أيها الرسول لمشركي قومك المكيين : إن اللّه تعالى ينهاني عن عبادة أحد من غير اللّه تعالى من الأصنام والأنداد والأوثان، حين جاءتني الأدلة القاطعة من آي القرآن والبراهين العقلية الدالة على التوحيد، وأمرت بالإسلام لله والانقياد لأوامره، وإخلاص الدين له، وإعلان الإيمان وأداء الأعمال المفروضة، والاستسلام لرب العالمين من إنس وجن، والخضوع له بالطاعة، والرضا بما أمر ونهى.
ثم ذكر اللّه تعالى أربعة أدلة من دلائل الآفاق والأنفس تدل على وحدانية اللّه وهي :