تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٠٦
و أما ألوان نعيم الجنة : فهو ما أخبرت به الملائكة بقولهم : ولكم في الجنة من جميع ما تختارونه، من صنوف اللذات، وأنواع الطيبات، ومهما طلبتم وجدتم، وكل ما تتمنون حصلتم عليه، ومعنى قوله تعالى : وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ
أي لكم في الجنة ما تطلبون. وكل ذلك حال كونه معدّا لكم، ضيافة وعطاء وإنعاما، من رب غفور لذنوبكم، رحيم شامل الرحمة بأحوالكم، حيث غفر وستر، ورحم ولطف.
ومعنى قوله تعالى : نُزُلًا : أنزلناه نزلا، فهو منصوب على المصدر. أي إن اللّه تعالى أعد هذا النعيم وأنزله إنزالا على أهل الجنان، فهو جزاء على طاعتهم واستقامتهم. وإعداد هذه النزل دليل على تحقيق السعادة لهم، كما جاء في آية أخرى :
هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) [الواقعة : ٥٦/ ٥٦]. أي يوم الجزاء.
فضل الدعوة إلى اللّه تعالى
تبليغ الدعوة إلى توحيد اللّه وطاعته : واجب في الإسلام، والإرشاد إلى الخير والسلامة والأمان : منهاج أهل الحق، المحبين للإنسانية، السالكين مع غيرهم ما يحبونه لأنفسهم، فإن أهل الإيمان يصلحون أنفسهم أولا، ثم يحاولون إصلاح غيرهم، وتكون مرتبة تربية النفس وإعدادها معروفة من قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ثم تأتي مرتبة دعوة الآخرين إلى الهدى والخير، ويؤخذ ذلك من هذه الآيات الآتية :
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٣٣ الى ٣٦]
وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)