تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٢٠
الاعلام العام بآيات اللّه
إذا استبد الكفر والعناد ببعض الناس، لم يبق إلا أن يقهر على المعرفة، ويتحدى بالمحسوسات المشاهدة الدالة على الحق، والتي تستأصل كل ريب أو شك في النفس إذا استجاب لهذا الإقناع، ولذا حمل القرآن الكريم على المشركين الذين أغلقوا على أنفسهم نافذة الوصول إلى الحق والخير والهداية، فاستحقوا التهديد والوعيد، وكشف اللّه باطلهم، وأبان حقيقة أمرهم، وهي أنهم قوم يشكون في الآخرة، وما فيها من ثواب وعقاب وحساب عسير. وهذا ما أوضحته الآيات الآتية :
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٥٢ الى ٥٤]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٢) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ (٥٤)
«١» «٢» «٣» [فصلت : ٤١/ ٥٢- ٥٤].
أمر اللّه تعالى نبيه عليه الصلاة والسّلام أن يقف قريشا على هذه الحجة الدامغة، الصادرة من أنفسهم، فقل أيها الرسول : أرأيتم أي أخبروني إن كان هذا الشرع من عند اللّه وبأمره، ثم خالفتموه أنتم، ألستم على هلكة من اللّه تعالى؟ فلا أحد أضل ممن يبقى على هذه الحال من الغرور من اللّه، ومجافاة الحق، والوقوف في جانب المخالفة والمشاقّة، والمعاداة البعيدة المدى. وإن كان هذا القرآن من عند اللّه حقا، ثم كذبتم به، ولم تقبلوه، أفلا تكونون أعداء للحق والصواب؟ بل في الواقع لا أحد أضل منكم لشدة عداوتكم، وإمعانكم في الكفر والعناد، ومعاداة الحق وأهله.
فيكون الضمير في قوله تعالى أَنَّهُ الْحَقُّ عائدا على الشرع والقرآن.
(٢) أي شاهد على ما يفعله الناس وغيرهم. [.....]
(٣) أي في شك خطير.