تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٢٩
[الشورى : ٤٢/ ١٣- ١٤].
هذا خطاب توحيدي لجميع الأمم في الدين، فإن اللّه تعالى شرع وأبان لكم أيها المسلمون من المعتقدات وأصول التوحيد ما أمر به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى :
أن حافظوا على الدين (و هو توحيد اللّه، وإطاعة رسله) ولا تختلفوا في شرائع اللّه، من الحلال والحرام، وإياكم من الوقوع في المهالك بتفرق الآراء والمذاهب. وهذا في أصول الاعتقاد وأصول الشرائع والأخلاق، فإنه لا خلاف فيها، أما الأحكام الفرعية فيمكن وقوع الخلاف فيها بين الشرائع، كما تبين في قوله تعالى : لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة : ٥/ ٤٨].
ثم أخبر اللّه تعالى نبيه عليه الصلاة والسّلام بصعوبة إقامة الدين ووحدته على المشركين بالله تعالى، العابدين للأصنام، قال قتادة : كبر على المشركين : لا إله إلا اللّه، وأبى اللّه تعالى إلا نصرها وإظهارها، أي شق على أهل الشرك الوثنيين القائلين بتعدد الآلهة هذه الدعوة إلى وحدة الدين، وهجر عبادة الأصنام والأوثان، وأنكروا مبدأ الوحدانية، واشتد عليهم مقولة : لا إله إلا اللّه وحده، وأبى اللّه إلا أن ينصرها، ويخذل ضدها.
واللّه يختار لتوحيده والدخول في دينه من يشاء من عباده، ويوفق لدينه وعبادته من يرجع إلى طاعته، ويقبل على عبادته، وينيب تائبا إلى ربه، ويثوب إلى رشده.
وهذا يدل على مزيد فضل اللّه على عباده المؤمنين : أنه هداهم لدينه، بعد أن أمرهم بالتمسك بمبدإ الدين الواحد الذي اتفقت عليه الرسل كلهم.