تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٤٧
[الشورى : ٤٢/ ٤٧- ٥٠].
يأمرنا اللّه تعالى بالاستجابة لدعوة اللّه تعالى وشريعته، والمبادرة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، من قبل مجي ء يوم يكون كلمح البصر، لا ملجأ ولا منجى لأحد فيه، ولا يردّ أحد بعده إلى عمل، إنه يوم القيامة، يحذرنا اللّه تعالى من أهواله ومفاجاته، حيث لا يفيد الإنسان شي ء إلا العمل الصالح في الدنيا، ولا إنكار ما ينزل بالناس من عذاب. والنكير : مصدر بمعنى الإنكار، لا بمعنى المنكر اسم فاعل من فعل «نكر»، لأن المعنى يصبح بعيدا، لأن (نكر) إنما معناه لم يميّز وظن الأمر على غير ما عهد. وهذا كقوله تعالى : يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) [القيامة : ٧٥/ ١٠- ١٢].
فإن أعرض المشركون عن إجابة دعوة اللّه ورسوله، فما أرسلناك أيها الرسول موكلا بهم، رقيبا عليهم، تحفظ أعمالهم وتحصيها، حتى تحاسبهم عليها، فليس عليك إلا تبليغ الرسالة، وأداء الأمانة، وإيصال الحجة.
إلا أن القوم المشركين عتاة أشداء مضطربون، إذا منحهم اللّه رحمة أو نعمة، وأمدهم بأمن وخير، ووفرة رزق، فرحوا بها واستبشروا، وإن أصابتهم سيئة كجدب أو نقمة، ومرض أو فقر، لاقترافهم المعاصي والذنوب، فإن الإنسان جحود للنعمة، متنكر للمعروف، فإن أصابته نعمة تكبر، وإن تعرّض لمحنة أو مصيبة يئس وأعرض. والكفور : المبالغ في كفران النّعم.
ثم أخبر اللّه تعالى عن أدلة قدرته، فهو مالك السماوات والأرض والمتصرف


الصفحة التالية
Icon