تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٥٥
من عجائب الصنع الإلهي
ما أحلم اللّه تعالى على عباده، وما أصبره على مخلوقاته، يخلقهم ويرزقهم وينعم عليهم، ومع ذلك يكفرون به، ويجحدون بوحدانيته، فيتنزل لمستواهم الفكري، ويقيم لهم الأدلة والبراهين الكثيرة على عظمة ذاته وقدرته، ومن أهمها إبداع مصنوعاته وعجائب مخلوقاته، وكثرة نعمه وآلائه، وإذا افتقر الإنسان أو أصيب بمصاب، لم يجد غير اللّه ملجأ، ولا سواه ملاذا، فيفرّج كربته، ويكشف أزمته أو محنته، وهذه ثمانية أدلة على وجود اللّه وتوحيده، مما يلمسه كل إنسان. ويحسّ به من مشاهدات الكون :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٩ الى ١٤]
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣)
وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)
«١» «٢» «٣» «٤» [الزخرف : ٤٣/ ٩- ١٤].
هذه أوصاف أفعال اللّه تعالى، وهي نعم منه سبحانه على البشر، تقوم بها الحجة القاطعة على كل كافر مشرك بالله تعالى، وهي هنا ثماني صفات :
١- ٣- تالله لئن سألت أيها الرسول المشركين بالله : من الذي خلق السماوات والأرض؟ لأجابوا بأن الخالق لهما هو اللّه وحده لا شريك له، وأن اللّه هو القوي الغالب مما يدل على كمال قدرته، وأنه الواسع العلم، مما يرشد إلى تمام علمه، وهذا احتجاج على قريش، يدل على تناقضهم في أمرهم، وذلك أنهم يقرون أن

(١) فأحيينا.
(٢) أي السفن.
(٣) أي مطيقين.
(٤) راجعون.


الصفحة التالية
Icon