تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٦٧
الانتقام، بالإغراق في البحر، مما جعلهم مثلا قدوة للكفار، وعظة وعبرة لمن يأتي بعدهم. وهذا ما دوّنته آيات القرآن الكريم :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٤٦ الى ٥٦]
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)
وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)
«١» «٢» «٣» [الزخرف : ٤٣/ ٤٦- ٥٦].
ساق اللّه تعالى قصة موسى مع فرعون عظة وسلوى لما حدث بين النبي وقومه، فلقد بعث اللّه تعالى إلى فرعون وقومه موسى مؤيدا بالمعجزات الدالة على صدقه :
و هي الآيات التسع المذكورة في سورة الإسراء [الآية ١٠١] وغيرها كالطوفان والجراد والقمّل والدم والضفادع والقحط، يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه من الأشخاص والأصنام، وقال لهم : إني مرسل إليكم من اللّه رب العالمين : الإنس والجن.
فلما أتاهم موسى بتلك الآيات الدالة على صدقه، إذا فرعون وقومه يستهزئون ويضحكون ممن جاءهم بها. ويقصد بهذا إيناس النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن إعراض قومه.

(١) أغضبونا بالإفراط في العصيان والعناد.
(٢) قدوة لمن بعدهم من الكفار.
(٣) عظة وعبرة لمن يأتي بعدهم.


الصفحة التالية
Icon