تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٨٨
النعيم، فلهم جنان الخلد، ويتدثرون بألبسة الحرير، على سرر متقابلين ويتزوجون بالحور العين، ويتفكهون بكل فاكهة آمنين، وحياتهم في الجنة خالدة أبدية، ووقوا عذاب الجحيم، وذلك بفضل اللّه أعظم الفوز، وأمكن معرفة ذلك يقينا بما دل عليه اللسان العربي الفصيح، الذي نزل به القرآن الكريم، ولم يبق إلا إنجاز الوعد. وهذا ما أخبرت به الآيات الآتية :
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥١ الى ٥٩]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥)
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)
«١» «٢» «٣» [الدخان : ٤٤/ ٥١- ٥٩].
هذه أنواع النعيم الخمسة للمتقين وهي :
- إن الذين اتقوا ربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لهم مساكن ومقامات آمنة مأمونة من جميع المخاوف، طيبة المكان والنفس، لا غيرة فيه بينهم، في بساتين خضراء، وينابيع متفجرة بالماء. وهذا يقابل ما للكفار من شجرة الزقوم وشرب الحميم، كما في آيات سابقة.
- ملابسهم التي يلبسونها : من حرير رقيق، وخشن أو غليظ، ذي بريق ولمعان، وجمال فريد، متقابلين في جلساتهم للاستئناس، لا يستدبر بعضهم بعضا في المجالس.
- كذلك أي ومع هذا العطاء وإدخال الجنان يزوجهم، أي يقرنهم اللّه بالحور البيض، الواسعات الأعين مع عظم السواد، ولا يوجد عقود زواج بالحور، وإنما
(٢) وصف لمجالس أهل الجنة، إقبال من غير إدبار. [.....]
(٣) يطلبون الخدمة والتصرف.