تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٩٤
بجزاء النار، علما بأنه لم تنفعهم أصنامهم شيئا، ولا منعت عنهم الضرر، وهذا ما نصت عليه الآيات الآتية، لبيان أن القرآن وحده هو الهدى والمنقذ :
[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٧ الى ١١]
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١)
«١» «٢» «٣» «٤» [الجاثية : ٤٥/ ٧- ١١].
الهلاك والعذاب. والمصائب من الحزن والشدة، لكل كذاب بآيات اللّه، كثير الإثم والمعاصي، لأنه يسمع آيات اللّه تتلى على مسامعه، وفيها الدلالة الواضحة على وحدانية اللّه وقدرته، ويبقى مصرّا على كفره، ويتكبر ويتعاظم عن الإيمان بالآيات، معجبا بنفسه، وكأنه لم يسمع الآيات، فهو في عدم الالتفات إليها، والإصغاء لمغزاها، يشبه حال غير السامع، فأخبره أيها النبي وبشّره بعذاب شديد مؤلم. والتعبير عن الخبر المحزن بالبشارة تهكم واحتقار. وقوله تعالى : يُصِرُّ أي يثبت على عقيدته من الكفر.
وسبب نزول هذه الآية : ما كان يفعله أبو جهل والنضر بن الحارث وغيرهما، من إصرار على الكفر وعناد. وتعم الآية كل من دخل تحت الأوصاف المذكورة إلى يوم القيامة.
والسبب الثاني لتعذيب أحد هؤلاء : أنه إذا علم هذا الأفاك الكذوب من آيات

(١) الويل : كلمة عذاب، والأفاك : الكذب.
(٢) البشارة بشي ء هي في الخير والمحابّ، فإذا قيدت بكلمة (العذاب) ونحوها أريد بها التهكم والاحتقار.
(٣) أي أنصارا يتولون أمورهم.
(٤) الرجز : أشد أنواع العذاب.


الصفحة التالية
Icon