تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٠١
إن هؤلاء الكفار المشركين الجهلة، لن يدفعوا عنك من اللّه شيئا أراده بك، إن اتبعت أهواءهم، وخالفت شريعتك.
ثم حقّر اللّه تعالى شأن الظالمين، مشيرا بذلك إلى كفّار قريش، فإنهم يتولى بعضهم بعضا، والمتقون : يتولاهم اللّه عز وجل، فخرجوا عن ولاية اللّه تعالى وعونه ونصره، وتبرأت منهم، ووكل اللّه تعالى بعضهم إلى بعض.
وهذا القرآن بصائر للناس، أي معتقدات وثيقة منوّرة للناس طريقهم، وهادية إلى الجنة كل من عمل بها، ورحمة من اللّه وعذابه في الدنيا والآخرة، لقوم يوقنون بصحة الشرع وتعظيم ما فيه.
بل ظن الذين اقترفوا الآثام والمعاصي في الدنيا، وكفروا بالله ورسله، وعبدوا غيره، أن نجعلهم كالذين صدّقوا بالله ورسله، وعملوا الأعمال الصالحة من إقامة الفرائض، واجتناب المحارم، بأن نسوي بينهم في الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة، وأن محياهم ومماتهم سواء، فلا يستوي الفريقان حياة وموتا، ثوابا وعقابا، لأن المحسنين عاشوا على الطاعة، وأولئك المشركون عاشوا على المعصية، إن زعموا ذلك، ساء الحكم حكمهم، وبئس القرار قرارهم.
نزلت هذه الآية في علي وحمزة وأبي عبيدة بن الجراح رضي اللّه عنهم، وفي ثلاثة من المشركين عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، قالوا للمؤمنين : واللّه ما أنتم على شي ء، ولو كان ما تقولون حقا، لكان حالنا أفضل من حالكم في الآخرة، كما أنا أفضل حالا منكم في الدنيا، فأنكر اللّه عليهم هذا الكلام.
والدليل على صحة مبدأ التفاوت في الآخرة وحكم اللّه بين المحسنين والمسيئين :
أن اللّه تعالى خلق أو أبدع السماوات والأرض بالحق المقتضي للعدل بين الناس،