تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤١٥
الإيصاء ببرّ الوالدين
- ١- البارّ بوالديه
الوالدان : سبب وجود الولد، ولهما الفضل بتربيته ورعايته، صغيرا وكبيرا، لذا كانت الوصية من الله تعالى لعباده ببر الأبوين، والإحسان إليهما، وكان برّ الوالدين في الشريعة واجبا بآيات كثيرة في القرآن العظيم، وعقوقهما كبيرة من الكبائر،
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن نبي الله صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول :«ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده».
وألزم القرآن الكريم في آياته الأولاد برّ آبائهم وأمهاتهم، ونهى عن عقوقهم، وذكر الله تعالى حق الأمهات على الأبناء والبنات، وجعل الأم في أربع مراتب، والأب في مرتبة واحدة، كما في هذه الآيات :
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ١٥ الى ١٦]
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦)
«١» «٢» «٣» [الأحقاف : ٤٦/ ١٥- ١٦].
نزلت هذه الآية- كما ذكر الطبري- في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم
(٢) أي كمل عقله ورأيه وقوته، وأقله ثلاثون سنة.
(٣) ألهمني ووفقني ورغبني.