تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤١٩
رضي الله عنه من أفضل الصحابة ومن الأبطال، وممن له في الإسلام غناء، ويكفيه مقامه مع مروان يوم اليمامة وغيره.
والمعنى : والذي قال لأبويه حينما دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر : أفّ لكما، أي أتضجر وأتبرم مما تقولانه، أتخبرانني أنني سأبعث من قبري بعد الموت لموعد الله؟ إن هذا البعث مستنكر، فقد مضت الأمم الكثيرة من قبلي، كعاد وثمود، ماتوا ولم يبعث منهم أحد. ووالده يسألان الله أن يوفقه للإيمان، ويقولان له :
ويلك آمن بالله وبالبعث، أي هلاكا لك، إن وعد الله حق لا خلف فيه، والمراد :
الحث على الإيمان، فيقول هذا الولد مكذبا لما قال والده : ما هذا الذي تقولانه من البعث إلا أباطيل السابقين التي سطروها في الكتب، والبعث باطل في زعمه.
فكان جزاء هذا القائل ما ذكر الله تعالى : أولئك القائلون هذه المقالة هم الذين وجب عليهم العذاب، واستحقوا غضب الله، في جملة الأمم الكافرة المتقدمة، فهم منضمون في ذلك إليهم، سواء كانوا من الجن، أو الإنس الذين كذبوا الرسل، وهم من جملة الخاسرين، الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة. وقوله : قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يقتضي أن الجن يموتون كما يموت البشر قرنا بعد قرن.
ثم ذكر الله تعالى مراتب كل من فريقي الإحسان والإساءة، فلكل فريق منهم مراتب ومنازل عند الله يوم القيامة، أما المحسنون الأبرار : فهم في المراتب العليا، وأما المسيئون الأشرار : فهم في المراتب الدنيا. والله يوفي الفريقين جزاء أعمالهم من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منها، وليوفيهم جزاء أعمالهم بنحو تام، المحسن بإحسانه، والمسي ء بإساءته، وهم لا يظلمون شيئا بنقص ثواب، أو زيادة عقاب.
فقوله تعالى : وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ يعني لكل من المحسنين والمسيئين منازل.
وأحوال العقاب وأهوال القيامة شديدة كئيبة، فاذكر أيها النبي لقومك حين