تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٢٨
و مفعول الاستعجال محذوف : وهو العذاب، معناه : لا تستعجل لهم عذابا، فإنهم إليه صائرون.
كأن الكافرين حين يشاهدون الوعيد المحقق بالعذاب، لم يمكثوا في الدنيا إلا قدر ساعة من الساعات، لاحتقارهم ذلك، ولما يشاهدونه من الأهوال العظام، كما جاء في آية أخرى : قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) [المؤمنون : ٢٣/ ١١٢- ١١٣]. وآية : كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦) [النازعات : ٧٩/ ٤٦] وهذا القرآن العظيم الذي يتم الوعظ به : تبليغ كاف، يقطع حجة الكافرين، والبلاغ : بمعنى التبليغ، فالقرآن بلاغ، كما قال تعالى : هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢) [إبراهيم : ١٤/ ٥٢]. وقال سبحانه :
إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) [الأنبياء : ٢١/ ١٠٦].
ولا يهلك اللّه بعذابه إلا القوم الفسقة الخارجين عن الطاعة، المنغمسين في المعصية، وهذا من عدل اللّه تعالى ألا يعذّب أحدا إلا بذنب. وفي هذه الآية وعيد عظيم وإنذار بيّن، لأن اللّه تعالى جعل الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، وأمر بالطاعة ووعد عليها بالجنة، ونهى عن الكفر وأوعد عليه بالنار،
قال صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أخرجه مسلم والدارمي وأحمد :«لا يهلك على اللّه إلا هالك».
قال الثعلبي : يقال إن قوله تعالى : فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ أرجى آية في كتاب اللّه تعالى للمؤمنين.