تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٣٢
و الموعظة الحسنة. وإذا أصرّ العدو على الحفاظ على دينه وأحواله، وجب إبرام المعاهدات التي تنظم العلاقات المختلفة، حتى لا يبغي أحد على أحد، ويطمئن كل طرف إلى وضعه، ومراعاة مصالحه، على قدم المساواة. وهذه آيات تدعو لتنظيم معارك القتال وتسوية آثارها، وتوجيه الطبائع البشرية وجهة صالحة :
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٤ الى ٩]
فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨)
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [محمد : ٤٧/ ٤- ٩].
آية وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قال فيها قتادة- كما أخرج ابن أبي حاتم- نزلت يوم أحد، ورسول اللّه في الشّعب، وقد نشبت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون يومئذ : اعل هبل (أكبر أصنامهم) ونادى المسلمون : اللّه أعلى وأجل، فقال المشركون : إن لنا العزّى، ولا عزّى لكم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : قولوا : اللّه مولانا، ولا مولى لكم.
والمعنى : إذا واجهتم أيها المسلمون الكفار في القتال، فاحصدوهم حصدا بالسيوف، واضربوا الرقاب ضربا. وهذا بمثابة قوله تعالى : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة : ٩/ ٥] وهذا حكم في أثناء القتال الناشب إذا توافرت أسبابه أو دواعيه المشروعة، وهو قائم على مبدأ المعاملة بالمثل ومراعاة طبيعة القتال وأدواته
(٢) أكثرتم القتل فيهم.
(٣) الوثاق : الحبل كالرباط، والمراد : فأسروهم.
(٤) فلن يحبطها أو يضيعها.
(٥) مصدر منصوب بفعل مضمر، أي هلاكا لهم وخيبة.
(٦) أبطلها.