تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٣٥
بنيران الجحيم، لاتباعهم أهواءهم في عبادة الأوثان، وهذه آيات تناسب الكلام على فريقي الناس عادة : مؤمنين وكفارا، قال اللّه تعالى :
[سورة محمد (٤٧) : الآيات ١٠ الى ١٤]
أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤)
«١» «٢» «٣» [محمد : ٤٧/ ١٠- ١٤].
أ فلا يتأمل القرشيون المشركون بمصائر الأمم السابقة، فيسيروا في الأرض، فينظروا كيف كان مصيرهم أو عاقبتهم، مثل أرض عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم، ليعتبروا ويروا ما حلّ بهم، كيف دمّر اللّه عليهم ديارهم، واستأصلهم بالإهلاك، وأتلف ممتلكاتهم وأموالهم، بسبب تكذيبهم رسلهم، وما أداه إليه كفرهم، ولهؤلاء الكافرين المكذبين أمثال عاقبة من قبلهم من الكفرة في الدنيا، مثل هزيمتهم في بدر وفتح مكة، ولهم عقاب أشد في الآخرة.
وهذه الآية توقيف لقريش وتوبيخ، نزلت يوم أحد، ومنها انتزع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ردّه على أبي سفيان بن حرب حين
قال له : اللّه مولانا، ولا مولى لكم.
وسبب هذا العقاب بالتدمير والاستئصال للكافرين، ونجاة المؤمنين : أن اللّه ناصر عباده الذين آمنوا بالله تعالى، وأطاعوا رسوله، وأن الكافرين المكذبين لرسوله لا ناصر لهم، يدفع عنهم العذاب.
قال قتادة : نزلت يوم أحد، والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم في
(٢) أي أمثال تلك العاقبة.
(٣) أي ناصرهم.