تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٣٨
«١» «٢» «٣» [محمد : ٤٧/ ١٥- ١٩].
صفة الجنة الموعود بها للمتقين القائمين بأوامر اللّه وطاعته ما تسمعون فيها كذا وكذا، فيها أنهار جارية من ماء غير متغير الطعم والريح واللون لطول مكثه، بل إنه ماء عذب فرات متدفق نقي، من شربه لا يظمأ أبدا، وفيها أنهار من حليب طازج، لم يتغير طعمه بحموضة أو غيرها، وفيها أنهار من خمر لذيذة الطعم، طيبة الشرب، ليست مرة أو كريهة الرائحة، ولا تسكر ولا تصدّع الشارب أو تذهب عقله، وإنما هي لذيذة للشاربين، وفيها أنهار من عسل صاف غير مشوب بمادة أخرى، حسن اللون والطعم والريح، ولهم في الجنة مختلف الثمار والفواكه ذات الألوان البديعة، والروائح الذكية، والطعوم الشهية، أساكن هذه الجنان أو أهؤلاء كمن هو خالد في النار إلى الأبد؟ وسقوا بالإكراه من ماء حار شديد الغليان، فقطّع أمعاءهم وأحشاءهم؟! والمراد : أمثل أهل الجنة، بهذه الأوصاف، كمن هو خالد مقيم دائما في النار؟
فتكون الكاف في قوله تعالى : كَمَنْ مؤكدة للتشبيه. وفِيها أَنْهارٌ : في موضع الحال، على هذا التأويل.
ثم ذكر اللّه تعالى حال المنافقين، فقال :
و من الكفار الخالدين في النار : منافقون يستمعون كلام النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في خطبه ومجالسه، فلا يدركون منه شيئا لعدم إيمانهم، فإذا خرجوا من عنده قال بعضهم لأهل العلم الواعين لما سمعوا، على طريقة الاستهزاء والاستخفاف : ماذا قال النبي
(٢) علاماتها.
(٣) تقلبكم لأشغالكم في الدنيا. ومثواكم : سكونكم إلى مضاجعكم ليلا.