تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٥٧
[الفتح : ٤٨/ ١١- ١٧].
هذه أخبار أنبّأ الله تعالى بها نبيه قبل وقوعها، أولها اعتذار المتخلفين عن الذهاب معه في عمرته يوم الحديبية، فإنهم سيقولون له بعد عودته : شغلتنا الأموال والأهلون، فاستغفر لنا، لكنهم لم يصدقوا في هذا الاعتذار، وإنما قالوا ذلك بألسنتهم في الظاهر، وبما لا يعبر عن حقيقة نواياهم وقلوبهم، في أن محمدا وصحبه سينهزمون أمام قريش وثقيف والقبائل المجاورة لمكة وهم الأحابيش، فقل أيها النبي لهم : من يحمي أموالكم وأهليكم إن أراد الله بكم سوءا، أو أراد بكم نفعا، ثم رد الله عليهم بقوله : بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.
ثم فسر لهم علة تخلفهم بقوله : بَلْ ظَنَنْتُمْ أي لم يكن تخلفكم تخلف معذور، بل ظننتم أنه لن يعود الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنون معه إلى أهليهم وأوطانهم أبدا، وأن العدو سيقتلهم، وزين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم، فقبلتموه، وظننتم أن الله تعالى لن ينصر رسوله، وكنتم قوما هلكى أو هالكين عند الله تعالى، بسبب فساد هذا الاعتقاد.
ثم أخبر الله تعالى عن عقاب أهل الكفر : وهو أن من لم يصدّق بالله تعالى ورسوله، ولم يخلص عمله لربه، كما صنع هؤلاء المتخلفون عن الحديبية، فجزاؤهم ما أعده الله لهم من عذاب السعير المتلظية بهم.


الصفحة التالية
Icon