تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٦٠
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١٨ الى ٢٤]
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢)
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤)
«١» [الفتح : ٤٨/ ١٨- ٢٤].
تالله لقد رضي الله عن المؤمنين المخلصين، الذين بايعوا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشجرة بيعة الرضوان، بالحديبية، على قتال قريش وعدم الفرار، بايعهم النبي على الموت، وكان عددهم في الأصح ألفا وأربع مائة. وسميت بيعة الرضوان، لقوله تعالى :
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ...
ورضاه لأنه تعالى علم ما في قلوبهم من الإيمان والإخلاص، والسمع والطاعة، فأنزل الطمأنينة وسكون النفس عليهم، وجازاهم بفتح خيبر، بعد انصرافهم من الحديبية، ثم أتبعه بفتح مكة وسائر الأقاليم المجاورة.
وأثابهم أيضا مغانم كثيرة يأخذونها، وهي غنائم خيبر، وكان الله وما يزال قويا غالبا قادرا، مدبرا أمور خلقه، على وفق الحكمة والسداد.
ووعدكم الله أيها المؤمنون مغانم كثيرة من المشركين والكفار، على ممر الدهر، إلى يوم القيامة، ولكن عجّل لكم غنائم خيبر، وكف عن قتالكم أيدي قريش يوم الحديبية بالصلح، وأيدي اليهود أهل خيبر وحلفائهم، من أسد وغطفان، كل ذلك