تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٨٢
لزمكم أن اللّه تعالى مانّ عليكم إن صدقتم في ادعائكم الإيمان. وفي هذا إيماء إلى أنهم كاذبون في ادعائهم الإيمان.
ثم أكد اللّه تعالى علمه بكل شي ء بقوله : إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ.. أي إن اللّه تعالى عليم بما ظهر وما غاب في جميع أنحاء السماوات والأرض، ومن جملة ذلك : ما يسّره كل إنسان في نفسه، واللّه مطلع على كل شي ء من أعمالكم، فهو مجازيكم بالخير خيرا، وبالشر شرا، وهذه الآية تؤكد الإخبار بعلم اللّه بجميع الكائنات، وبصره بأعمال المخلوقات، ليترسخ ذلك في الأذهان ويستقر في أصائل القلوب.
لقد أوضحت هذه الآيات : أن المؤمنين هم الذين يصدقون بقلوبهم أن اللّه تعالى هو الخالق والقادر والعالم بكل شي ء، والرازق صاحب الفضل، والذي لا أول له ولا نهاية، وكل شي ء هالك إلا وجهه، وهم يصدقون برسالة رسول اللّه وأنه خاتم النبيين، وإمام المرسلين، والمبلغ وحي ربه عليه، وأنه عبد اللّه ورسوله إلى الناس جميعا، لا إلى العرب خاصة، ولم يشكّوا في شي ء، وإنما كان إيمانهم كالجبال الرواسي راسخا في القلب، ويقينا تاما لا يشوبه شي ء، وأنهم يجاهدون في سبيل اللّه جهادا بالنفس والمال.
وأما الإسلام : فهو الإعلان باللسان عن أركانه، من النطق بالشهادتين، وتنفيذ واجباته، من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا.