تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٨٩
قال الحسن البصري : الحفظة (من الملائكة) أربعة : اثنان بالنهار، واثنان بالليل، ويؤيد ذلك الحديث الذي
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد عن أبي هريرة رضي اللّه عنه : أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي، فيقولون : تركناهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون».
ويروى أن ملك اليمين الذي يكتب الحسنات أمير على ملك الشمال، وأن العبد إذا أذنب يقول ملك اليمين للآخر : تثبّت لعله يتوب.
سكرة الموت وأحوال العذاب الأخروي
الانتقال عن عالم الدنيا يكتنفه مصاعب وأهوال ومخاطر كثيرة، أولها سكرات الموت : وهي ما يعتري الإنسان عند نزعه، والناس فيها مختلفة أحوالهم، لكن لكل واحد سكرة، و
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول- فيما أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي شيبة عن عائشة رضي اللّه عنها :«.. لا إله إلا اللّه، إن للموت سكرات».
ثم يعقب ذلك أهوال، منها : نفخ الصور، ومجي ء كل نفس معها سائق يسوقها إلى المحشر وآخر يشهد عليها، وعند الوقوف بين يدي الرحمن للحساب ومعاينة الحقائق يكشف الغطاء عن الإنسان، فيرى ببصيرته أو بصر عينه ما غفل عنه في الدنيا، ويقوم الحوار بين الكافر وقرينه الشيطان يوم القيامة، ويكون القرار الحاسم إما بالزج في جهنم وإما بدخول الجنة، وهذا ما تذكره الآيات الآتية :
[سورة ق (٥٠) : الآيات ١٩ الى ٣٥]
وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣)
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨)
ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣)
ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)


الصفحة التالية
Icon