تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٩٢
و تقول الملائكة للمنعّمين : هذا النعيم الذي ترونه من الجنة : هو ما وعدتم به في كتب ربكم، وعلى ألسنة رسله المرسلين إليكم، وهذا الثواب لكل رجّاع إلى اللّه تعالى وطاعته بالتوبة عن المعصية وترك الذنب الحافظ لحدود اللّه، ذلك المحافظ على الحدود فلا يقربها : هو من خاف اللّه ولم يكن رآه، وجاء بقلب خاشع مخلص في طاعة اللّه، سليم من أي شبهة أو شك.
ويقال لهم أيضا : ادخلوا الجنة سالمين من العذاب، ومن زوال النعم، ومن كل المخاوف، ذلك هو يوم الخلود الدائم أبدا. لهؤلاء المتقين الموصوفين بما ذكر ما يريدون من الجنة وتشتهيه أنفسهم، ولدينا زيادة من النعم لم تخطر لهم على بال.
إثبات البعث وتهديد منكريه
أنذر اللّه تعالى منكري البعث بالعذاب الأليم في الآخرة، ثم هددهم وأنذرهم بعذاب الدنيا المدمر، وبين الإنذارين تبيان حال المتقين في الجنة، للجمع بين الترغيب والترهيب، والإهلاك عظة وتذكير.
ثم أكد اللّه تعالى دليل إمكان البعث بخلق السماوات والأرض وما بينهما، وأمر رسوله بالصبر على ما يقولون من إنكار البعث، وبتنزيه اللّه عن كل نقص، فقد اقترب يوم البعث، وسمع صوت الداعي إليه، واللّه وحده هو المحيي والمميت، وإليه المصير، وهو سبحانه الأعلم بما يقول المشركون في البعث، وما عليك أيها النبي إلا متابعة مهمتك في الإنذار، والتذكير بالقرآن كلّ من يخاف وعيد اللّه وعقابه، كما تذكر هذه الآيات :