تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٩٤
استراح يوم السبت، فنزلت : وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ أي تعب وإعياء. وتظاهرت الأحاديث بأن بدء خلق الأشياء كان يوم الأحد، وعند مسلم وفي الدلائل للبيهقي : أن ذلك كان يوم السبت. وأجمعوا على أن آدم عليه السّلام خلق يوم الجمعة.
ثم أمر اللّه نبيه بأوامر في مواجهة منكري البعث : وهي اصبر أيها الرسول على ما يقوله المشركون المكذبون بالبعث، وعلى ما يقوله بعض أهل الكتاب : ثم استراح يوم السبت. ونزّه اللّه دائما عن كل عجز ونقص، مقرونا التسبيح بالحمد دائما، قائلا :
سبحان اللّه وبحمده، وقت الفجر ووقت العصر، وبعض الليل، وفي أعقاب (أدبار) الصلوات. والمراد بالتسبيح والتحميد قبل طلوع الشمس : صلاة الفجر، وقبل الغروب : صلاة الظهر والعصر، ومن الليل : العشاءان، وأدبار السجود :
النوافل بعد الفرائض. وقوله تعالى : فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ يراد به أهل الكتاب وغيرهم من الكفرة، وذلك يشمل جميع الأقوال الزائفة من قريش وغيرهم.
واستمع، أي انتظر أيها الرسول صيحة القيامة : وهي النفخة الثانية في صور إسرافيل عليه السّلام، يوم ينادي نداء يسمعه جميع أهل المحشر قائلا : هلموا إلى الحساب «١»، فيخرجون من قبورهم. وقوله : مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلائق.
وصيحة البعث كائنة حقا، وهي يوم سماع النفخة الثانية في الصور التي تنذر بالبعث والحشر والجزاء على الأعمال، وذلك يوم الخروج من القبور. إننا وحدنا نحن الإله نحيي الموتى في الدنيا والآخرة، ونميت الأحياء في الدنيا حين انقضاء الآجال،

(١)
أخرج ابن عساكر والواسطي عن يزيد بن جابر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : أن ملكا ينادي من السماء : أيتها الأجساد الهامدة، والعظام البالية، والمرمم الواهية، هلم إلى الحشر والوقوف بين يدي اللّه تعالى.


الصفحة التالية
Icon