تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٠٦
انتظروا العذاب ثلاثة أيام، فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع، في غدوة النهار، وهم يعاينون مشاهد الدمار، جزاء لما اقترفوه من كفر ومعاص.
فلم يقدروا على القيام من مصارعهم، والهرب من تلك الصرعة القاضية، بل أصبحوا في دارهم هلكى جاثمين، ولم يكونوا ممتنعين من عذاب اللّه، ولم يجدوا نصيرا ينصرهم ويدفع عنهم العذاب.
وأهلكنا بالطوفان قوم نوح، من قبل هؤلاء، لتقدم زمنهم على زمن فرعون وعاد وثمود، لأنهم كانوا قوما خارجين عن طاعة اللّه، متجاوزين حدوده.
هذه هي نهاية قوم عتاة طغاة، ظلموا وبغوا، وكذبوا رسلهم وافتروا، وأصروا على الكفر والضلال، وعاندوا وعارضوا كل هداية من اللّه تعالى، وليتهم أشفقوا على أنفسهم، واتعظوا بأحداث السابقين قبلهم، ولكنهم لم يفعلوا، والقضية سهلة، والتكليف يسير، لا يحتاجون إلى أكثر من إعلان الإيمان بالله تعالى، وأن يستقيموا على أوامره، ويجتنبوا نواهيه، ويصدقوا برسالات الرسل الكرام الذين لا همّ لهم إلا الإصلاح- إصلاح العقيدة والتصور والعبادة والمعاملة، ولكن قتل الإنسان ما أكفره! إن عبادة الأصنام التي كانت سائدة بين هؤلاء الأقوام، لا تحقق لعابديها نفعا أو خيرا، ولا تمنع عنهم ضررا، أو تحميهم من الشر، وغريب أنهم إن انحدر فيهم الفكر على هذا النحو من الطعن والمساس بكرامتهم، ألم يبق أمامهم حقل التجربة والاختبار؟! وأما توحيد اللّه تعالى فمصدر كل خير ونفع، والمانع من كل شر وضرر، أفلا يجدر بأصحاب العقول الواعية أن يبادروا إلى الإيمان بوحدانية اللّه تعالى؟! إن ألوان العذاب في إهلاك الأقوام الوثنيين السابقين، تدل على أن اللّه تعالى قادر على أن