تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥١٢
المعنى : أقسم (أنا الحق) بالطور، أي بكل الجبال، والطور اسم جنس للجبال عند أهل اللغة، وبالكتاب المكتوب أسطارا الذي يشمل الكتب الإلهية المنزلة كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وغيرها، في الورق المعد للكتابة، المبسوط غير المطوي، وبالكعبة المشرفة التي تعمّر كل عام بالحجاج والزوار، وتعميرها للإعلام بشأن الكعبة، وبالسماء العالية التي هي كالسقف، وبالبحر المملوء ماء، المحبوس عن الأرض، إن المقسم عليه وهو عذاب اللّه لواقع كائن في القيامة لا محالة، لمن يستحقه من الكافرين والعصاة الذين كذبوا الرسل.
ويصاحب وقوع العذاب : اضطراب السماء اضطرابا شديدا، وإزالة الجبال من مواضعها كسير السحاب، وصيرورتها هباء كالصوف المندوف.
فويل، أي هلاك وسوء ومشقة أو واد في جهنم لأولئك الذين كذّبوا الرسل، في ذلك اليوم، من شدة هذا العذاب، وهم الذين كانوا يتخبطون في الأباطيل، فيكذبون بالقرآن، ويستهزئون بالنبي. والفاء في قوله فَوَيْلٌ لاتصال المعنى، وهو الاعلام بأمان أهل الإيمان، أما أهل الكبائر من المسلمين فلا يخلّدون في النار، لأنهم لا يكذبون الرسل.
ويكون إلقاء المكذبين في النار بأن يدفعوا إليها دفعا عنيفا شديدا، وفي إهانة وتعتعة. وكلمة يَوْمَ يُدَعُّونَ يوم : بدل من يَوْمَئِذٍ.
ويقال لهم تقريعا وتوبيخا من قبل الزبانية- وهذا كلام محذوف مختصر- : هذه النار التي تشاهدونها هي النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا، والتكذيب بها :
تكذيب للرسول الذي أخبر بها من طريق الوحي.
ويقال لهم أيضا تذكيرا بما كانوا يقولون في الدنيا : أهذا الذي ترون : سحر كما


الصفحة التالية
Icon