تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٢٤
تفسير سورة النجم
إثبات ظاهرة الوحي
تميزت سورة النجم المكية بالإجماع بأنها أول سورة أعلن بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وجهر بقراءتها في الحرم، والمشركون يستمعون، وفي آخرها سجد، وسجد معه المؤمنون والمشركون، والجن والإنس، غير أبي لهب، فإنه رفع حفنة من تراب إلى جبهته، وقال : يكفيني هذا، روى ذلك البخاري عن ابن عباس، رضي اللّه عنهما.
وأقسم اللّه تعالى في مطلع هذه السورة بالنجم تشريفا له لإثبات ظاهرة الوحي على قلب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السّلام الذي رآه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على صورته الحقيقية مرة أخرى، وذلك في السماء بعد رؤيته في الأرض، قال اللّه تعالى :
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١ الى ١٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَ النَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤)عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩)
فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠) ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤)
عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» [النجم : ٥٣/ ١- ١٨].
(٢) ما عدل محمد صلّى اللّه عليه وسلّم عن طريق الحق إلى الباطل، وما جهل بما أوحي إليه.
(٣) صاحب القوى الشديدة.
(٤) ذو حصافة في العقل واستحكام في النطق، فاستقام على صورته الحقيقية التي خلق عليها.
(٥) قرب فتعلق بالهواء.
(٦) مقدار قوس أو أقرب من ذلك. [.....]
(٧) أي جبريل إلى عبد اللّه.
(٨) مرة أخرى.
(٩) ما مال البصر وما تجاوز حده.