تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٤٤
مغارسه، أي إن ما تقطّع وتشعب من شخص الإنسان يشبه أعجاز النخل، والنخل : تذكر وتؤنث، فلذلك قال : منقعر. والكاف في قوله : كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ في موضع الحال.
فانظروا كيفية عقابي وإنذاري، ولقد سهّلنا القرآن للحفظ والاستذكار والاتعاظ، فهل من متذكر متعظ؟! والإنذار بالتخويف وهزّ الأنفس. قال الرّمّاني : لما كان الإنذار أنواعا، كرر التأكيد والتنبيه. وفائدة تكرار قوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ التأكيد والتحريض وتنبيه الأنفس.
كذبت أيضا بالنذر، أي الرسل قبيلة ثمود قوم صالح عليه السّلام، وهم أهل الحجر بين الحجاز والشام، وتكذيب نبيهم صالح عليه السّلام تكذيب لجميع الرسل، لاتفاقهم على أصول الدين، فقالوا حسدا منهم لصالح عليه السّلام، واستبعادا أن يفضل نوع من البشر بعضه الآخر : أنكون جميعا، ونتّبع واحدا؟ وكيف نتبع بشرا من جنسنا، منفردا وحده، لا تبع ولا متابع له على ما يدعو إليه؟ لقد خبنا وخسرنا إن أطعنا واحدا منا، وإنا إذا اتبعناه نحن في خطأ وبعد عن الصواب، وفي أمر متلف مهلك بالإتلاف، وفي احتراق نفس هما وحنقا باتباعه، أو في جنون أو عناء.
كيف خص بالوحي والنبوة من بيننا، وفينا من هو أحق بذلك منه؟ بل هو كذوب متجاوز الحد فيما يدّعيه من نزول الوحي عليه، ومتكبر بطر. والأشر : البطر المرح، أي ليس الأمر كما يزعم، فكأنهم بهذا الوصف اتهموه بأنه أراد الاستعلاء عليهم وأن يقودهم وهم يطيعونه.
فرد اللّه عليهم مهددا ومتوعدا بقوله : سَيَعْلَمُونَ غَداً.. أي سيعرفون عما قريب في المستقبل وقت نزول العذاب بهم في الدنيا أو في يوم القيامة، وسيتبين لهم


الصفحة التالية
Icon